بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
لا تحفظي القرآن بل [ اجعلي القرآن يحفظك ]
معنـاهـا
لا تحفظي آيات القرآن و كلماته و ترددينها دون حضور قلبك مع تسميعك
و لا تحفظيها عن ظهر غيب دون أن تطبقي ما ورد فيها
و لا تحفظيها و أنت مذنبة عاصية
فتحفظينه بعقل غير واعي و جوارح عاصية لاهية
إن الأهم أن تجعلي هذا الكتاب يحفظ جوارحك عن المحرمات
فقبل أن تحفظي آياته في صدرك
اجعلي آياته تحفظ جوارحك و تكون حجاباً لها عن الوقوع في المحرمات
فمن لم تحفظ منه أجزاء و كانت مطيعة مطبقة لما فيه
أفضل و أعظم درجة ممن حفظت كل أجزائه و غفلت عن معانيها و لم تعمل بها
قال تعالى :
{ فَاستَمسِك بِالذِي أوحِي إِلَيكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُستَقِيـــمٍ }
( سورة الزخرف : 43 )
إن من أوجب الواجبات على المؤمن و أعظم الحقوق لهذا القرآن
هو
العمل بمقتضــاه
و تطبيق أوامر الله و تجنب نواهيه الواردة في آياته
لأننا لو علمنا حق العلم الهدف من هذا الكتاب الكريم و هذا الكلام العظيم
لأيقنا أنه ما أنزل إلا لـ نتدبر و نعمل
{ كِتَـــابٌ أَنزَلنَـــاهُ إِلَيكَ مُبَــــارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَـــاتِهِ وَ لِيَتذَّكَّرَ أُولُوا الأَلبَابِ }
( سورة ص : 29 )
فالغاية الأساسية من القرآن هو العمل بما فيه
فهو ليس كتاباً للقراءة و الحفظ في الصدر فقط
مع ما في تلاوته من نور و هداية إلا أن العمل به هي ثمرة نزوله
قال تعالى :
{ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }
( سورة الأنعام : 155 )
قوله تعالى في الآية نفسها كما ورد في موقع طريق القرآن :
{ واتقوا } أي :
احذروا الله في أنفسكم أن تضيِّعوا العمل بما فيه ، و تتعدوا حدوده وتستحلوا محارمه
من هنا نتفق على أن
حفظ القرآن لكِ أهم من حفظكِ له
و إنما حفظ القرآن لكِ يكون بتطبيقكِ أنتِ لأوامر الله فيه و العمل بمقتضى شرع الله فيه
و العمل بالقرآن ينقسم إلى قسمين :
1- عمل قلبي
2- عمل الجوارح
أما العمل القلبي فيكون :
بإخلاص تلاوته وحفظه لله
و بالخشية من الله عند التلاوة
و تعظيم كلام الله
و الخوف من عقابه و رجاء ثوابه
فالقرآن غذاء روحي و دواء قلبي يشفي القلوب و يسمو بالأرواح
و يكفينا في ذلك قول الله تعالى :
{ أَلَا بِذِكرِ اللهِ تَطمَئِنُّ القُلُوبُ }
أما عمل الجوارح
فيشمل الأعمال الظاهرة من الأقوال و الأفعال
و تطبيق أوامر الله الفعلية فيه
كإقامة الصلاة و إيتاء الزكاة
و التحلي بالصدق
و ألا يسمع بأذنيه إلا ما يرضاه الله
و لا يقول بلسانه إلا ما يرضاه الله
و لا يخطو بقدمه إلا لما يرضاه الله
و لا يبطش بيده إلا لما فيه طاعة لله
و يتجنب كل ما نهى الله عنه من الأعمال و الأقوال
من الشرك الربا و شرب الخمر و الزنا و الفواحش
و الكذب و الغيبة
و كل تلك الأعمال و الأقوال و الأخلاق ذكرتها على سبيل التمثيل لا الحصر
إن مما يُحزِن القلب
حال بعض أخواتنا حافظات كتاب لله
فقد عاصرت كثيرات منهن هداهن الله
قد ختمت المصحف كاملاً و حفظته في صدرها
و لكنها لم تحفظ به جوارحها
فاستهانت بحدوده و ارتكبت ما وجب عليها تركه
و كثيــرات حالهن كذلك نسأل الله الهداية و السلامة
أخيتي الغالية حافظة القرآن خصوصًا و قارءته عمومًا
اقرئي القرآن
بـ أذن واعية
و قلب حاضر
و عقل متفتح
و إذا سمعتِ { يَأَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا } فأصغي لخطاب الله فيها
ثم طبقي ما أمر الله
و تجنبي ما نهى الله عنه
قفي عند حدوده
و اعملي بواجباته
و إياكِ أن ترتكبي ما نهى الله عنه فيه
ابدئي بحفظ القرآن في صدرك
لـ تنالي حفظ القرآن لكِ و حفظكِ له
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا
و نور صدورنا و جلاء أحزاننا و ذهاب همومنا و غمومنا
و دليـــلنا غلى جنــــــاتك جنـــات الخلود
اللهم آميـــن