مشيتُ في دروب الهوان..
وخضتُ أوحال الزمان..
لم أفكر بحالي..
ولم أهتم بأهلي وأصحابي..
بل امتلكني الشيطان..
وسلّمت له كل الكيان..
رُفضت من المجتمع ولم أُحسب مع البشر.
شذّ فكري.. وضاع عقلي..
حتى أنّ جسدي وروحي فقدا الإحساس والشعور.. فلم أميّز أين أنا، ولم أعرف كيف شردتُ.
استخففت بكل الأخلاقيات ولم أبال بقوانين الأدب، حتى أصبحتْ سيرتي على كل لسان تُنعتُ بالنكران..
الكل تركوني.. وجميع معارفي وأقاربي تخلوّا عني..
حتى أهل بلدي كرهوني وقاضوني..
اتفقوا على قتلي ونسيان سيرتي، وإنكار وجودي..
فأحضروني للمحاكمة النهائية لإصدار حكم الموت وتنفيذ الرجم بالحجارة ليمحوا العار الذي حلّ بهم بسببي، ودفن الصورة المخزية في ظلام قبر رهيب..
دون عزاء أو نحيب..
ولكن ماذا جرى؟ ومن الذي أرى؟
إني أرى الحاكم الرحوم ذي القلب الحنون.
أشعر بدفء محبته التي لم أنلها طيلة حياتي.
أرى النظرة الفاحصة التي خرقت أعماق قلبي وقلبت موازين حياتي.
واستأصلت كل فكر سيئ ومخطط شرير في داخلي.. لمستقبلي..
لم أستطع رفع رأسي ولا النظر إليه ولا لمن حولي من شدة الخجل والخزي.
كان الناس حولي كذئاب خاطفة أو أسود جائعة ستلتهمني...
فحوَّلت نظري إليه. ذاك الذي سباني بحنانه..
وجذبني بهدوئه وسلامه.
ففداني بإلغاء حكم الرجم بالحجارة.
نعم، فداني في تلك اللحظة..
وفداني على صليب الجلجثة..
خجلت من نفسي..
ارتعش جسدي..
وذابت روحي في داخلي..
فسمعت تلك الكلمات التي ملأت قلبي سلاماً..
وغطت جسدي حماية من الأذى..
ترنمت أذناي بتلك النغمة الحنونة التي سمعتها في تأنيبه الثائرين عليّ: ”من كان منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر" (يوحنا 7:
. فرنّ صدى هذه الكلمة في أذنيّ وقلبي:
خطية.. خطية.. خطية..
جذبني ذلك المشهد الغريب.. إذ اختفى الجميع دون أن ينطقوا بكلمة.. تركوني وراءهم ناسين الأمر الذي جاءوا من أجله.. فوقفت وحيدة أمامه..
ارتعشت خائفة من حكم المصير.
لكنه هدّأ روعي.. وعزى نفسي.. وشجّعني بنصيحته حين قال:
"أما دانك أحد؟...
ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تخطئي أيضاً" (يوحنا 10:8و11).
يا لهول المفاجأة!
بررني!
حكم عليّ بالبراءة التي لا أستحقها!
فيا لفرحتي!
لماذا لا أطوف شوارع المدينة أثبت براءتي؟!!
وأشهد عن عمل الرب يسوع في حياتي!
سأعمِّم هذا الخبر.. وأخبر عن هذا الحب من حبيب عظيم كريم.
سأحيا له على مرّ السنين..
فقد أعطاني الراحة والأمان..
إنه صادق في جميع وعوده..
قال: "تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيليّ الأحمال وأنا أريحكم"(متى 28:11)
حقاً إنه أكرمني..
نشلني من آبار الخطية..
نقلني من السقوط إلى الرفعة، من العار إلى الكرامة.. ومن القضاء إلى البراءة.
فيا له من فادٍ عظيم، وربٍّ قدير، وإلهٍ معين.
منقوله عن روماني