الشباب فى رمضان
هل رأيت هؤلاء ؟
هل تفضلت أخي الشاب أن تأتي إلى مسجد من المساجد مما رزق الله إمامه الصوت الحسن المؤثر فرأيت ذاك الجمع من الشباب الأخيار ؟ وقد عقدوا العزم على الوقوف بين يدي الله في تلك الصلاة ولو امتدت إلى السحر ، في حين ترك غيرهم صلاة الجماعة أصلاً ؟ ولو أتيت في العشر الأواخر لم تجد إلا القليل فقد توجهوا صوب البيت العتيق يبتغون مضاعفة الأجر ، وحط الوزر . في حين ترى غيرهم يقضي ليالي رمضان فيما لا يخفى عليك . ماذا لو وجه ذاك الشاب الذي يجوب الأسواق هذا السؤال إلى نفسه : ألا أستطيع أن أكون واحداً من هؤلاء ؟ كيف نجحوا ؟ وهم يعيشون في المجتمع نفسه ولهم شهوات ، وأمامهم عوائق كما أن لي شهوات وأمامي عوائق .
ألا تطيق ما أطاقوا ؟
أخي الكريم : كثير هم الشباب الذين كانوا على جادة الانحراف ، وفي طريق الغفلة يمارسون من الشهوات ما يمارسه غيرهم ثم مَنَّ الله عليهم بالهداية فتبدلت أحوالهم وتغيرت وساروا في ركاب الصالحين ومع الطائعين المخبتين . وربما كان بعضهم زميلاً لك . فكيف ينجح هؤلاء في اجتياز هذه العقبة ويفشل غيرهم ؟ ولماذا استطاعوا التوبة ولم تستطع انت ؟. إن العوائق عند الكثير من الشباب عن التوية والالتزام ليس عدم الاقتناع ، بل هو الشعور بعدم القدرة على التغيير . أفلا يعتبر هذا النموذج مثلاً صالحاً له ، ودليلاً على أن عدم القدرة لا يعدو أن يكون وهماً يصطنعه .
وعن شبابه فيم أبلاه :
أخي الكريم : لا شك أنك تحفظ جيداً قوله صلى الله عليه وسلم : ( لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه )
أخي الكريم : لنفكر ملياً واقعنا الآن فهل سنجد الإجابة المقنعة ، المنجية أمام من لا تخفى عليه خافية عن هذه الفقرة ( شبابه فيما أبلاه ) وهل حالنا الآن مع عمر الشباب تؤهل لاجتياز هذا الامتحان . ألا ترى أن أمامنا فرصة في اغتنام الشباب والإعداد للامتحان ؟
ما أعظم ما تقدمه في هذا الشهر الكريم :
أخي الشاب : لا شك أنك رأيت الناس وقد تبدلت أحوالهم في هذا الشهر . فالمساجد قد امتلأت بالمصلين ، والتالين لكتاب الله . والأماكن المقدسة ازدحمت بالطائفين والعاكفين ، والأموال تتدفق في مجالات الخير . فهذا يصلي ، وهذا يتلو ، والآخر ينفق ، والرابع يدعو .
فأين موقعك بين هؤلاء جميعاً ؟ ألأم تبحث لك عن موقع داخل هذه الخارطة . أليس أفضل عمل تقدمه ، وخير إنجاز تحققه التوبة النصوح وإعلان السير مع قافلة الأخيار . قبل أن يفاجئك هادم اللذات فتودع الدنيا إلى غير رجعة . فهل جعلت هذا الهدف نصب عينيك في رمضان وأنت قادر على ذلك بمشيئة الله ؟
إن القرار قد يكون صعباً على النفس وثقيلاً ، ويتطلب تبعات وتضحيات لكن العقبى حميدة والثمرة يانعة بمشيئة الله .